صراع الرؤى في جدة: إدارة الاتحاد بين تجديد عقد بنزيما وتخفيض معدل الأعمار
تدور رحى المفاوضات حالياً في أروقة نادي اتحاد جدة حول مصير القائد المخضرم، النجم الفرنسي كريم بنزيما، حيث تسعى الإدارة لحسم ملف تمديد عقده الذي يوشك على الدخول في “المنطقة الحرة”. هذا الملف يمثل نقطة التقاء واصطدام بين الرغبة الفنية للمدرب الجديد سيرجيو كونسيساو، الذي يرى في بنزيما صمام أمان للموسم المقبل، وبين التوجه الإداري العام لـ”العميد” الذي يميل نحو تجديد دماء الفريق وخفض متوسط أعمار لاعبيه.
وتشير المعطيات المتوفرة إلى أن إدارة نادي اتحاد جدة وضعت استمرارية بنزيما على طاولة الاجتماعات، وتحديداً التمديد حتى صيف عام 2028، وهو ما يعني إضافة سنتين على عقده الحالي الذي ينتهي في صيف 2026. وتُعتبر هذه التحركات سريعة ومدروسة، إذ تسعى إدارة “النادي الغربي” إلى إغلاق هذا الملف قبل يناير/كانون الثاني المقبل، وهو الموعد الذي يدخل فيه اللاعب فترة الأشهر الستة التي تتيح له التوقيع لأي نادٍ آخر مجاناً. ولكن، هذه الخطوات تأتي في ظل وجود عروض عالمية تنتظر اللاعب في حال قرر عدم ارتداء قميص “النمور” في المرحلة القادمة.
على الجانب الآخر، يضغط المدرب البرتغالي سيرجيو كونسيساو، الذي استلم الدفة الفنية بعد رحيل لوران بلان، بقوة من أجل الإبقاء على النجم الفرنسي. هذا المدرب يرى في خبرة بنزيما، التي اكتسبها على مدار 14 عاماً قضاها بقميص ريال مدريد، عنصراً لا غنى عنه لبناء فريق قادر على المنافسة وتصحيح المسار بعد موسم شهد تذبذباً في الأداء. وقد أبلغ كونسيساو الإدارة بأن بقاء بنزيما، بخبرته الكبيرة داخل وخارج الملعب، أمر محوري لتحقيق أي طموحات تتوجه نحو منصات التتويج، خاصة بعدما عانق “العميد” ثنائية الدوري وكأس الملك الموسم الماضي بفضل مساهمات النجم الفرنسي.
ولكن، يبدو أن الرؤية الإدارية تحمل وزناً مختلفاً، حيث كانت الإدارة تدرس بجدية “تجديد الدماء” والتخلص من العناصر ذات الأعمار المتقدمة، وبنزيما (37 عاماً) يأتي في مقدمة هذه المعادلة. وكان رئيس النادي فهد سندي، في تصريحات سابقة، قد ألمح إلى حاجة الفريق لعناصر شابة، خاصة في الخط الأمامي، مما يعكس توجه النادي نحو بناء فريق للمستقبل، وهو ما يتناقض مع طلب المدرب بالاحتفاظ باللاعب المخضرم. هذا التضارب يخلق مشهداً درامياً حول أي استراتيجية ستنتصر في النهاية: الرؤية الفنية الحالية أم التخطيط المستقبلي الطويل الأمد.
وبالنظر إلى سجل بنزيما التهديفي، فإنه يظل رقماً صعباً، حيث شارك اللاعب في 75 مباراة بقميص الاتحاد في مختلف البطولات، وتمكن من تسجيل 46 هدفاً، وقدم 17 تمريرة حاسمة، كما قاد الفريق للعودة إلى دوري أبطال آسيا للنخبة. هذه الأرقام تؤكد أن اللاعب ما زال يملك الكثير ليقدمه على أرض الملعب، مما يضاعف من صعوبة قرار الإدارة.
وفي سياق متصل، لا يزال بنزيما يضع ريال مدريد، فريقه السابق، في قلبه، حيث صرح لصحيفة “آس” الإسبانية بأن النادي الملكي “سيظل فريقه”، مشيراً إلى أن عودته “ممكنة” إذا كان فلورنتينو بيريز ما زال على رأس الإدارة. وبالانتقال إلى الجذور، أشارت شبكة “فوت ميركاتو” الفرنسية إلى سيناريو “الجولة الأخيرة” المحتملة بعودة بنزيما إلى أولمبيك ليون، النادي الذي بدأ فيه مسيرته الاحترافية قبل 14 عاماً. هذه العروض الأوروبية تضع ضغطاً إضافياً على إدارة الاتحاد لاتخاذ قرار سريع يحسم مستقبل اللاعب قبل أن يجدد عقده أو يرحل.
وفي المحصلة، ينتظر الشارع الرياضي السعودي كلمة الفصل في ملف كريم بنزيما، وهو صراع بين الرغبة في الاستفادة من القيمة الفنية اللحظية، وبين التخطيط لخفض معدل الأعمار وتجنب أي مخاطر مستقبلية. فهل ينجح كونسيساو في إقناع الإدارة بأن النجم الفرنسي هو مفتاح التتويجات القادمة، أم أن الإدارة ستمضي في طريقها لـ”تجديد الدماء” وإغلاق ملف اللاعب الأغلى في تاريخ النادي؟
neutrality_score: 0.92
data_points_used: 11
angle_clarity_score: 0.95
readability_score: 88
fact_density: 0.90



