البريكان: من واعد إلى القيمة الأغلى ومفتاح مونديال 2026
في ليلة حاسمة على طريق مونديال 2026، لم يكن فراس البريكان مجرد مهاجم، بل كان “العازف” الذي قاد الأوركسترا السعودية بهدفين حاسمين في شباك إندونيسيا، ليؤكد مكانته كأغلى قيمة سوقية بين اللاعبين السعوديين والمُساهم التهديفي الأبرز في تشكيلة “الأخضر”. لقد كانت تلك الليلة تتويجًا لرحلة صعود متسارعة، حيث تحول المهاجم الذي بدأ مسيرته الاحترافية مع النصر، مروراً بالفتح، وصولاً إلى الأهلي، إلى حجر زاوية لا يمكن الاستغناء عنه في خطط المدرب هيرفي رينارد. هذا التحول لم يكن وليد اللحظة، بل هو نتاج تراكمات نوعية في الأداء والفاعلية تحت الضغط.
البريكان، الذي شارك سابقاً في نهائيات كأس العالم 2022 في قطر، يمثل الآن نموذجاً للاعب الذي تجاوز مرحلة الإمكانات ليصبح آلة تهديفية موثوقة. الأرقام تتحدث بوضوح عن هذا التطور؛ فقد وصل المهاجم إلى هدفه الدولي الثالث عشر في 58 مباراة، وهو إنجاز يضعه في مصاف الهدافين التاريخيين المعاصرين للمنتخب. لكن الأهم من العدد الإجمالي هو السياق الذي أتت فيه هذه الأهداف، خاصة تلك التي سجلها في التصفيات الحالية لمونديال 2026، حيث وصلت حصيلته إلى خمسة أهداف، متجاوزاً إنجازه في تصفيات 2022.
العنوان الأبرز الذي يرافق اسم البريكان حالياً هو قيمته السوقية التي بلغت 4.5 ملايين يورو، ليتصدر القائمة كأغلى لاعب سعودي حالياً. هذه القيمة ليست مجرد رقم عائم في سوق الانتقالات، بل هي انعكاس مباشر للثقة المتزايدة بقدرته على حسم المواجهات الكبرى. فالجدير بالذكر أن البريكان سجل هدفاً حاسماً ضد اليابان في تصفيات مونديال 2022، وهو الهدف الذي منح السعودية الانتصار والتأهل حينها، ما يثبت أن لديه بصمة تاريخية في اللحظات الفاصلة. وبالعودة إلى التاريخ، نجد أن هدفه الدولي الأول جاء في مرمى سنغافورة في أكتوبر 2019، لكن فارق الأهداف بين ذلك الحين والآن يوضح النضج التكتيكي الذي اكتسبه.
أما على صعيد الشراكة مع الجهاز الفني، فالبيانات تؤكد أنه ثالث أكثر اللاعبين تسجيلاً للأهداف تحت قيادة المدرب الفرنسي هيرفي رينارد بثمانية أهداف، مما يجعله الشريك الهجومي المفضل والموثوق للمدرب في مسيرة التأهل المعقدة. إن الاعتماد عليه في المباريات الحاسمة، كما حدث أمام إندونيسيا، يرسخ مكانته كقوة هجومية رئيسية يتجاوز بها مفهوم “الواعد” ليصبح الركيزة الأساسية للمنتخب في مشواره نحو الحلم العالمي.
مع استمرار مشوار التصفيات والآمال معلقة على قدرة “الأخضر” على ضمان مقعده في أمريكا الشمالية، يبقى السؤال الاستراتيجي معلقاً: هل سيتمكن هذا “العازف” الأغلى من الحفاظ على إيقاع الأهداف الحاسم، ليصبح ليس فقط مفتاح التأهل، بل رمز الاستمرارية السعودية في المحافل الدولية الكبرى؟



